اقتحام مجلة كاريكاتير فرنسية لقتل رساميها مع صرخات «الله أكبر» وبدعوى الانتقام من الرسوم المسيئة هو حادث بشع يطرح السؤال المؤلم: من هو المسىء الحقيقى للنبى وللإسلام؟، من الذى أهان ومرّغ سمعة الإسلام فى التراب لدرجة أن كلمة مسلم صارت مرادفة لكلمة إرهابى؟! للأسف الإجابة موجعة.. إن تخلفنا كمسلمين هو أكبر إهانة للنبى، صرنا فى معظمنا بسلوكياتنا المجافية للحضارة المخاصمة للدنيا وتخلفنا العلمى الذى يضعنا فى طور الانقراض البطىء، صرنا نحن الرسوم المسيئة، لكنها ليست فى كاريكاتير، بل من لحم ودم تمشى على الأرض متفاخرة بأنها خير أمة فى الكون، وهى فى الحقيقة تلتصق بذيل العالم متطفلة عليه وفى نفس الوقت تعاديه. ينتحرون فى قوارب الموت للوصول إلى شواطئ أوروبا وبعد أن يلهفوا إعانة البطالة يرفعون الكلاشينكوف فى وجه من استضافهم!! لم يكن نبينا الكريم يتخيل أن أتباعه سيصيرون للأسف أفقر شعوب الأرض علماً وثقافة وتحضراً. كنت أتمنى أن يثور المسلمون أولاً من أجل كرامتهم المهدرة وحقوقهم الضائعة فى أوطانهم، فهذا هو رد الاعتبار الحقيقى للرسول صاحب رسالة العقل والحرية، كان من الأولى والأجدى والأهم أن ينظر المجتمع الإسلامى إلى الخشبة التى فى عينه قبل أن ينظر إلى القذى فى عيون الآخرين، فالرسول صلى الله عليه وسلم من المؤكد أنه يتألم الآن للأحوال المزرية والظروف المتخلفة التى وصل إليها المسلمون، أليست أكبر إهانة للرسول ألا يستطيع أبناؤه وأتباعه ولا تستطيع الدول الإسلامية حماية نفسها إلا بالقواعد الأمريكية والبريطانية والأسلحة الغربية؟ أليست إهانة ألا تستطيع دولة عربية إسلامية تصنيع رصاصة واحدة أو حتى عصا مقشة؟! إن ما يقدم من فتاوى متضاربة كوميدية صناعة شيوخ البيزنس فى بورصة الفضائيات يُعد أكبر إهانة للعقل وللرسول نفسه؟ إن الآلاف الذين يموتون كل يوم نتيجة غياب زرع الأعضاء أو تردى الأحوال الصحية فى بلاد المسلمين، هؤلاء دماؤهم هى أكبر إهانة لنبينا العظيم؟ أليست إهانة للرسول أن تكون كمبيوترات المسلمين من صنع «إنتيل» الذى مكانه دولة إسرائيل؟! أليست إهانة أن تكون ميزانية إسبانيا أو فرنسا أو ألمانيا هى أضعاف أضعاف الدول العربية، وأن يكون مستخدمو الإنترنت وعدد الكتب المطبوعة فى إسرائيل بالنسبة لعدد سكانها أضعاف أضعاف الدول الإسلامية التى تحتل كتب الجان والخرافة معظم رفوف مكتباتها؟ أليست إهانة للرسول ألا توجد جامعة إسلامية واحدة فى ترتيب أفضل خمسمائة جامعة فى العالم؟! إن الإهانة العظمى للرسول محمد الصادق الأمين أن تصبح المجتمعات الإسلامية أكبر مجتمعات فاسدة وكاذبة فى العالم كله، إن أكبر إهانة للرسول العظيم أن تصنع الصين البوذية الكونفوشيوسية الكافرة من وجهة نظرنا لأبنائه المسلمين سجاجيد صلاتهم ومسابحهم وجلابيبهم وبوصلات تحديد قبلتهم وحتى فوانيس عيالهم الرمضانية؟ أليس من العار والمهانة على خير أمة أخرجت للناس أن تتسول أربعة أرغفة من كل خمسة من أمريكا وأن تكون كل أدوية علاج مرضاها والأدوات الجراحية وأجهزة الأشعة والتحاليل وحتى البلاستر والشاش وصبغة اليود والميكركروم... إلخ من إنتاج الغرب الكافر؟ أليست إهانة للرسول ألا يخترع مسلم واحد من خمسمائة سنة أى اختراع حتى ولو صامولة! أليست إهانة للرسول أن تكون نهاية من تعرض للعذاب والنفى فى سبيلهم أن يصبحوا من سكان الغابات والكهوف والأشجار إذا ما قرر الغرب مقاطعتهم فعلاً، ليصبح سلاح المسلمين خردة بدون قطع غيار، وتصبح أدويتهم تراباً بدون مواد خام، ويصبح طعامهم عفناً بدون سماد وبذور ومبيدات الكفرة، وتصبح ملابسهم خرقاً بالية بدون ماكينات غزل ونسيج الأجانب من فسطاط الكفر؟! هل عرفتم الآن من الذى أهان ومن الذى أساء؟